حول قضية نوارة للمحامي فراس عسلي: في منتصف الليل هآرتس – بقلم: عميره هاس

لقد سمع صوت المتهم بن دري في قاعة المحكمة مرة واحدة فقط. اثناء قيام محاميه تسيون أمير بمقاطعة ممثلة النيابة العامة كعادته، يفعات غيفن، بكلمتين: “إنه يسجل”. وكي يفهم الجميع عمن يقوم بهذه الجريمة الخطيرة، وجه دري إصبعه الى الكرسي في الطرف الثاني للقاعة (على مسافة 3 – 4 أمتار) – دري هو المتهم بقتل الفتى الفلسطيني نديم نوارة في 15 أيار 2014.

لقد كان عضو الكنيست أحمد الطيبي هو الذي يجلس هناك. صحيح أنه كان يحمل الهاتف المحمول. في ذلك اليوم (يوم الخميس) سافر الى أم الحيران ولم يتابع تفاصيل النقاش. وبالمناسبة، المحامي أمير بدا مشغول ايضا بهاتفه المحمول في الوقت الذي تحدثت فيه المدعيتان غيفن وكوهين.

أحمد الطيبي الذي تفاجأ قال “هذا كذب”. والقاضي دانيال سبيربرغ اكتفى بذلك. وطلب أمير أن يتم فحص هذا الامر. ولكن الطيبي عاد وطلب الكف عن هذا الهُراء. هو لم يقم بالتسجيل (النقاش لم يكن مغلقا، وكان تسجيل رسمي. صحيح أن النيابة العامة رفضت ارسال محاضر الجلسات السابقة لصحيفة هآرتس، لكن الباحث صاحب المدونة آيشتون، حصل عليها من اجل التحقيق الذي نشره في يوم الاربعاء الماضي، الذي حلل تكتيك الدفاع وأجاب على الادعاءات، بدلا من النيابة).

“أحمد، أحمد”، قال أمير للطيبي، كما يخاطب الشخص البالغ ولدا. الطيبي أجابه “لا تتحرش أكثر من اللازم”. وقال أمير “أنت واهم اذا اعتقدت أنك قادر على أن تفعل هنا ما تفعله في الكنيست”. القاضي المتسامح عادة مع مقاطعات المحامي أمير استشاط غضبا: “أنت من يقوم بتحويل القاعة الى برلمان”، قال للمحامي، وأسكت الطيبي أيضا. وحتى هذا الملف كان القاضي سبيربرغ قاضيا للشؤون العائلية.

Firas Asali فراس عسلي פיראס עסלי
المحامي فراس عسلي.

لقد جلس الأب الثاكل، صيام نوارة، على المقعد الذي خلف الطيبي، الذي واظب على حضور جميع الجلسات. وفي هذه المرة لم تقم المحكمة باحضار مترجم، واعتمد نوارة على المحامي فراس عسلي للترجمة. على مدى الـ 32 شهرا الماضية فوجيء من سماع نظريات المؤامرة التي تم طرحها: لا توجد رصاصة، القتيل ليس إبنه واطلاق النار جاء من جهة مختلفة.

آيشتون يسمي ذلك “فيلي وود”. أي الفانتازيا الاسرائيلية التي تقول إن الفلسطينيين يقومون بانتاج الافلام مثل هوليوود. والتي يظهر فيها الفلسطينيين وهم يُقتلون. وهذا من اجل اتهام جنود الجيش الاسرائيلي.

رون جورال، من مختبر الأدلة الرقمية، الذي قام بفحص أفلام الـ سي.ان.ان التي أظهرت دري وهو يطلق النار، أكد على أن كل شيء سليم، وأنه لم يتم التلاعب بالافلام. وقال إن مدة الفيلم هي 49 ثانية. والقاضي سأل: هل كان ذلك في منتصف الليل؟ وكأنه لم يسبق له أن شاهد الافلام، ولم يدرك بعد أن الحادثة حدثت في وضح النهار.

لو كان الجيش الاسرائيلي والشرطة يريدون، لكانوا أحضروا أدلة تظهر أن هناك رصاصات ثلاث اخرى أُطلقت وأصابت في ذلك اليوم: بعد قتل نوارة بساعة، قام أحد أفراد القوة باطلاق النار على ظهر محمد سلامة وقتله. وشخص آخر من أفراد القوة قام باطلاق النار وأصاب شخص ثالث باصابة بليغة. وواحد آخر أطلق النار وأصاب شخص رابع باصابة طفيفة. الجميع كانت اصاباتهم في الجزء العلوي من الجسد، من مسافة سبعين متر تقريبا، خلافا لأوامر اطلاق النار. ولو أرادت النيابة العامة لكانت تحدثت عن اطلاق النار هذا.

كان من المفروض أن تكون هذه هي الجلسة الاخيرة في المحاكمة التي استمرت أكثر من سنتين. وكانت الاطراف قريبة من عقد صفقة: بدلا من القتل غير المتعمد، القتل بسبب الاهمال. الرصاصة الحية التي دخلت الى مخزن الذخيرة وكان دري مهملا لأنه لم يتفقد المخزن. لكن المحامي اكتشف أن النيابة العامة أدخلت بند يقضي بأنه لم يكن هناك خطر على حياة دري من الحجارة التي قام الشباب الفلسطينيون برشقها (عندما تم اطلاق النار لم يكن نوارة وسلامة يرشقان الحجارة). وقد رفض المحامي أمير التوقيع، فاستمرت المحاكمة.

لو أن النيابة العامة كانت مستعدة لعقد الصفقة، بسبب موافقتها على نظرية الصدفة المحضة النادرة. بالضبط قبل اطلاق النار الحية التي دخلت الى مخزن الذخيرة عن طريق الاهمال، وأن السلاح لم يكن محشو بالرصاص المطاطي، أو أن السلاح كان محشو بالرصاص المطاطي، والرصاصة التي استطاعت القفز عن الرصاص دون أن ينفجر السلاح (هذا الخطر الذي يحذرون دائما الجنود منه). وايضا: هذان الخياران النادران حدثا اربع مرات في ذلك اليوم.

لقد كتب آيشتون: “الرصاصة تخرج من السلاح بسرعة 900 متر للثانية. وتصطدم برصاصة مطاطية بسرعة صفر. الحديث هنا يدور عن حادثة طرق قاتلة بسرعة خيالية”. وحتى موعد النقاش القادم، إذهبوا واقرأوا هذا التحقيق اللافت.

 

عن الحياة الجديدة

تاريخ النشر 2017-01-24